2021-05-28 20:06:35

 

 

ما شٌرعت الزكاة إلا لخير المجتمع وتقدمه وتأمينه ضد العوارض والأزمات التي تعصف به أحيانا وتحصينه ضد كل ما يعيق رقيه وازدهاره ورفده بكل أسباب تشجيع الإنتاج وتحقيق التكافل ومحاربة البطالة، حيث أراد الإسلام من الزكاة أن تكون وسيلة للتقريب بين الأغنياء والفقراء في الأرزاق، لكن ليس المقصود بها سد حاجات الفقراء وإشباعها لبعض الوقت فقط، ولكن القصد منها هو إخراجهم من الفقر على الدوام، وذلك بتمليكهم الوسائل التي تحميهم من التردي في الفقر مرة أخرى وتنقلهم من الكفاف إلى الكفاية.

حيث تعد الزكاة، إلى جانب كونها ركناً من أركان الإسلام، إحدى السياسات المالية العامة في تحفيز الميدان التنموي، فهي بمثابة دافع نحو الاستثمار وخلق فرص العمل ، إضافة إلى دورها في التكافل الاجتماعي فإن لها وظائف اقتصادية واجتماعية أخرى، منها : حماية المال من التآكل وتعزز من الاستقرار الاقتصادي وتخلق بيئة إجتماعية مستقرة.

كما تقوم الزكاة على محاربة ظاهرة "الاكتناز" وذلك بالحث على الاستثمار وحركية رأس المال وخلق الرواج الاقتصادي، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على المجتمع وحماية الاقتصاد من التقلبات، فضلًا عن مضاعفة الأموال المزكى منها التي وعد الله بها عباده.

 

دور الزكاة في تأمين المجتمع

 

فالزكاة هي قَدْر معلوم يأخذه الحاكم بصفته الاعتبارية من فضول أموال الأغنياء ويرده على الفقراء، وقد ورد ذلك في قول الله تعالى "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها "، وتحقيقاً لقول الله وإتباعاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم في بعث جباية الزكاة إلى المكلفين حرص ولاة الأمر في بلادنا - وفقهم الله - على تطبيق هذه الشعيرة المباركة سنويًا.

 

وتنشط الجميعات الخيرية بكثرة فى المجتمع السعودي من خلال عمليات حصر الفقراء وتعريف الأثرياء بهم، وكذلك لإطلاق العديد من حملات التبرعات ، فضلاً عن المؤسسات الرسمية والتى تتمثل فى الهيئة العامة للزكاة والدخل التى لا تولي جهدًا فى توفير كافة وسائل إقناع الأفراد والمؤسسات بإخراج زكاتهم، والتى كان أخرها إطلاق تطبيق " زكاتي " على الهواتف الذكية ضمن حملة " زكاتك تصل لأهلها" ، كما كشفت فى سبتمبر من العام الماضي 2018 أن المبالغ المدفوعة للزكاة من أفراد المجتمع تجاوزت "20" مليون ريال وذلك عبر بوابة "زكاتي" الإلكترونية www.zakaty.gov.sa، وتطبيق "زكاتي" للهواتف الذكية من خلال الدفع بنظام " سداد " وإطلاق بطاقة " مدى " لهذا العام.

شهادات باحثين ومفكرين واقتصاديين غربيين عن الزكاة

 

وقد رصد د. زيد بن محمد الرماني المستشار الاقتصادي فى مقال له بعنوان " الزكاة علاج للركود الاقتصادي " بعض شهادات الاقتصاديون والمفكرون الغربيون حول جباية الزكاة ودورها فى الاصلاح الاقتصادي، فكان منهم على سبيل المثال: أستاذ الاقتصاد الفرنسي جاك أوستري الذي يؤكد في كتابه "الإسلام والتنمية الاقتصادية" أنَّ الاقتصاد الإسلامي سيسود المستقبل لأنه أسلوبٌ كامل للحياة يحققِّ المزايا ويتجنِّب كافة المساوئ.

 

ويقول ليون روشي في كتابه "ثلاثون عاماً في الإسلام"لقد وجدت فيه ـ الإسلام ـ حلّ المسألتين الاجتماعية والاقتصادية اللتين تشغلان بال العالمُ طراً ، الأولى في قوله تعالى: "إنما المؤمنون إخوة..."فهذه الآية من أجمل المبادئ للتعاون الاجتماعي، والثانية فرص الزكاة في مال كل ذي مال، بحيث يحق للدولة أن تستوفيها جبراً إذا امتنع الأغنياء عن دفعها طوعاً. أما البروفيسور الروسي وسلوزيجيريسكي فيقول: لقد أدهشتني النظم الاجتماعية والاقتصادية التي يقررِّها الإسلام وعلى الأخص الزكاة التى تفرض كل عام.

وفي الجملة لا يمكن حصر فوائد الزكاة الخاصة على دافع الزكاة أو آخذها ومن ثم أثارها وفوائدها على المستوى الجمعي للدولة، وهو ما حدا بالشارع لفرضها فرضاً وعدم تركها لضمير الأفراد، بل اعتبرها أحد المسؤوليات الرئيسة لولي الأمر والحكومة للقيام بجبايتها وتحصيلها وإنفاقها في مصارفها.

 

فى النهاية نقول إن المساعدة في الاستقرار الاقتصادي تتم من خلال البيئة الاجتماعية المستقرة التي توجدها الزكاة، حيث يشعر المستثمرون بالأمان وقلة المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها استثماراتهم، فالإنفاق على الفقراء والمساكين يعمل على تآلف المجتمع المسلم وتناصره وتعاونه، وُيذهب عنه الضغائن والصراعات بين الأغنياء والفقراء، وهذه البيئة المستقرة ما كان لها أن تكون في غياب تطبيق الزكاة في المجتمع المسلم.